أجرى علماء الأعصاب في جامعة أوهايو اختبارات على سمكة “الزرد”، لمتابعة ما يحدث من اضطرابات في الدماغ، بما يؤدي إلى أمراض مثل التوحّد وانفصام الشخصية.
ومن المعتاد أن تُجرى الدراسات الطبية، التي تستهدف اختبار دواء أو فهم أسباب مرض، على فئران التجارب أو ذبابة الفاكهة وأحياناً القرود، لكن انضمت مؤخراً إلى هذه العيّنات البحثية سمكة “الزرد” أو “دانيو ريريو”، وهي من أسماك المياه العذبة الاستوائية.
وأصبحت “الزرد” تروق للعلماء في الأبحاث الطبية نتيجة أسباب عدة، أبرزها أنها من الفقاريات لذلك تتشابه مع الإنسان في كثير من الصفات، بل إن بعض الأبحاث وجدت بعد تشريح دقيق لها أنها تتقاسم مع الإنسان جزءاً كبيراً من الحمض النووي، كما أنها شفافة بما يساعد العلماء على متابعة تأثير التعديل الجيني والعلاجات الدوائية.
وتتميّز هذه السمكة بالنضج المبكّر، إذ تفقس بيضها بعد يومين فقط من الإخصاب، وتكتمل الوظائف الأساسية للأجنة عقب 5 أيام، ما يمكّن الباحثين من إجراء فحص سريع ومفيد لتغيّرات النمو التي تحبط الأمراض.
ورجحت هذه الأسباب سمكة “الزرد” لتكون أداة فهم التغيّرات التي تطرأ على التطوّر العصبي، بسبب فقدان جين يُسمى “البروتوكاديرين 19” أو “PCDH19″، خلال الدراسة التي نُشِرت في عدد هذا الشهر من دورية (إيينيرو) “eneuro”.
العلاقة بين فقدان هذا الجين عند البشر واضطرابات الدماغ ثابتة لدى العلماء منذ سنوات، لكنّ تفاصيل ما يُحدِثه هذا الجين داخل الدماغ كانت لغزاً ساهم سمك “الزرد” في حلّه، إذ أثبت الباحثون أن غياب الجين يؤدي إلى تجميع التفاعلات الخلوية في الدماغ بنطاق محدود، ما يؤثر على صحته ونموه الطبيعي.
خلال الدراسة، أراد الفريق البحثي رؤية ما حدث عصبياً عند غياب الجين “PCDH19” في أسماك “الزرد”، وباستخدام مجهر ذي قدرة عالية تمكّنوا من مراقبة التغيّرات على المستوى الخلوي، إذ رصدوا اختلافات واضحة بين التطوّر الجنيني في “الزرد” العادي والآخر الجنيني الذي غاب عنه الجين.
وقال جيمس جونتس، أستاذ مشارك في علم الأعصاب والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة أوهايو: “رأينا كثيراً من الترابطات بين الخلايا العصبية في أسماك الزرد التي غاب عنها الجين، وبدا الأمر كأننا أمام عدد كبير جداً من الخلايا جرى دمجها في شبكة من الخلايا العصبية”.